كيف يعالج الدماغ الكلمات والجمل؟ قراءة النصوص تُنشط مناطق دماغية مختلفة

القراءة: أداة حيوية لبناء المعرفة والصحة النفسية
سلطت دراسة حديثة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للعلوم الإدراكية والدماغية البشرية الضوء على كيفية تفاعل الدماغ مع أشكال القراءة المختلفة. وتُبرز الدراسة أن القدرة على القراءة ليست مجرد مهارة تعليمية بل عنصر محوري في التواصل والتعليم والتوظيف، كما أنها ترتبط بشكل وثيق بالرفاه النفسي والصحة العقلية.

تحليل شامل لـ163 دراسة: نشاط الدماغ أثناء القراءة ليس واحدًا
اعتمد الفريق البحثي على تحليل تَلويّ (Meta-analysis) شمل 163 دراسة سابقة، بهدف تتبع الأنماط العصبية المرتبطة بأنواع متعددة من القراءة. وأظهرت النتائج أن الدماغ يستخدم مناطق مختلفة داخل نصفه الأيسر — خصوصًا مناطق اللغة في القشرة الجبهية والمخيخ — عند معالجة النصوص المكتوبة.

الكلمة والحرف والنص: كلٌّ يُفعّل منطقة مختلفة
كشفت الدراسة أن قراءة الحروف تُحفز منطقة القشرة القذالية اليسرى (OTC)، في حين تنشط قراءة الكلمات والجمل مناطق أخرى في القشرة الجبهية والصدغية. اللافت أن الدماغ يُميز أيضًا بين الكلمات الحقيقية والكلمات الزائفة، إذ يستجيب لها بنشاط مختلف في التلفيف الجبهي السفلي.

الصامتة أم العلنية؟ كيف تختلف قراءة النصوص في أذهاننا
حللت الدراسة أيضًا التباين بين القراءة الصامتة والقراءة بصوت مرتفع. وتبيّن أن القراءة العلنية تنشط مناطق مرتبطة بالحركة والصوت، بينما تعتمد القراءة الصامتة على مراكز التركيز والتحليل المعرفي. هذا الاختلاف يُشير إلى أن آلية الفهم تختلف بحسب نمط القراءة المستخدم.

معنى الجملة أم فكرة النص؟ الدماغ يميز بين القراءتين
ميزة إضافية كشفتها الدراسة هي قدرة الدماغ على الفصل بين القراءة الصريحة التي تركز على معاني الكلمات والجمل، والقراءة الضمنية التي تركز على فهم المعنى العام للنص. حيث تنشط مناطق مختلفة لكل نوع، ما يعكس تعقيد العمليات المعرفية أثناء القراءة.

أمل جديد لمصابي عُسر القراءة واضطرابات التعلم
بحسب الباحثين، فإن هذه النتائج لا تقتصر على تفسير آليات القراءة فقط، بل تُعد مرجعًا واعدًا لفهم الحالات التي يُواجه فيها الأفراد صعوبة في القراءة مثل عُسر القراءة واضطرابات التعلم. وقد تسهم هذه المعرفة مستقبلاً في تطوير أساليب تشخيص وتدخل علاجي أكثر دقة وفعالية.