مودي في الرياض بين الاقتصاد والدفاع تحولات الشراكة السعودية الهندية

زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى المملكة العربية السعودية اليوم الثلاثاء، تعكس اهتمام إقليمي متزايد بالعلاقات بين دولتين تشكلان ركيزتين أساسيتين في المشهد الآسيوي، وتلتقيان عند مفترق اقتصادي ودبلوماسي مشترك، يرسم ملامح مستقبل جديد لعلاقاتهما المتطورة باستمرار.
زيارة مودي التي تستمر ليومين، لا تأتي في سياق بروتوكولي اعتيادي بل تحمل معها ملفات استراتيجية تمسّ الأمن والتنمية والعلوم والتقنية والتكامل الاقتصادي، وتترجم رغبة الجانبين في تجاوز النموذج التقليدي للشراكات الثنائية إلى نموذج أكثر شمولاً وتأثيراً في البيئة الدولية.
فبينما كانت العلاقات السعودية الهندية في عقود مضت تركز على النفط والعمالة والتحويلات المالية، تشهد اليوم توسعاً غير مسبوق باتجاه قطاعات كصناعة الفضاء والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، إلى جانب الحوار السياسي والدفاعي، مما يعكس وعياً متبادلاً بثقل كل طرف في معادلات المستقبل.
وفق ما أعلنه السفير الهندي لدى المملكة فإن الاجتماع المرتقب سيشهد توقيع مجموعة كبيرة من مذكرات التفاهم، تتناول مجالات الطاقة والصحة والثقافة والبحث العلمي، إضافة إلى مناقشة قضايا الأمن الإقليمي، من بينها الوضع في غرب آسيا، والتهديدات المتكررة التي تواجه الملاحة البحرية، ما يدل على تحوّل الشراكة إلى حوار استراتيجي متعدد الأبعاد.
من اللافت أن حجم التبادل التجاري بين الرياض ونيودلهي تجاوز حاجز 43 مليار دولار أمريكي، ما يمنح هذه الزيارة زخماً اقتصادياً كبيراً، ويؤكد أن الهند باتت ترى في السعودية شريكاً رئيسياً في خططها التنموية، تماماً كما ترى الرياض في الهند قوة آسيوية يمكن أن تُسهم في تنويع شراكاتها الدولية، خصوصاً في إطار رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى اقتصاد متنوع قائم على المعرفة.
الزيارة كذلك تعكس تحولات في الرؤية الجيوسياسية لكلا البلدين فالهند التي تتجه شرقاً وغرباً في تحالفاتها تدرك أهمية بناء علاقات متينة في منطقة الخليج، خاصة مع السعودية الدولة ذات الثقل السياسي والديني والاقتصادي.
وفي المقابل، تنظر المملكة إلى الهند باعتبارها قوة تكنولوجية صاعدة، وسوقاً ضخماً، وحليفاً يمكن التعويل عليه في قضايا الأمن والتوازنات الإقليمية.