الملك عبدالعزيز.. اعتزاز بالعلم ورؤية لبناء النهضة
العلم ركيزة التوحيد وبناء الدولة

لم يكن كفاح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – مقتصرًا على توحيد الأرض وبناء الدولة، بل ارتبط أيضًا باعتزازه بالعلم والثقافة وحرصه على غرس القيم في نفوس أبنائه، وإيمانه العميق بأن النهضة الحقيقية للمملكة لن تتحقق إلا بجيل واعٍ ومتعلم يمضي بها إلى الريادة.
قدوة للأبناء ومجالس علمية يومية
في كلماته لطلاب المعهد العلمي السعودي عام 1350هـ، جسّد الملك عبدالعزيز دوره كالمعلم والقدوة، مؤكّدًا أن “العلم بلا عمل كشجرة بلا ثمر”. وكان يعقد مجالس يومية للعلم في قصره بعد صلاة العشاء، يُقرأ فيها من كتب الفقه والتاريخ والسيرة، وتنبثق منها نقاشات وحوارات يشارك فيها الملك بنفسه، جامعًا بين الحكمة والمعرفة.
مكتبة ضخمة وشغف بالكتب
ورغم مشاغله السياسية والعسكرية، جمع الملك عبدالعزيز مكتبة خاصة تجاوزت 3000 كتاب في مختلف العلوم، من مؤلفات ومجلدات نادرة. وقد عُرف بشغفه بالقراءة والاطلاع حتى أثناء أسفاره، إذ كان يستمع في الطريق إلى كتب الحديث والسيرة والتاريخ.
ريادة في الطباعة والنشر
أسهم الملك عبدالعزيز في تأسيس نهضة فكرية وثقافية عبر طباعة الكتب على نفقته الخاصة وتوزيعها مجانًا داخل المملكة وخارجها. ومن أبرز إنجازاته دعم مطابع أم القرى بمكة المكرمة وإعفاء واردات الورق والآلات من الرسوم الجمركية. وتشير الوثائق إلى أنه أمر بطباعة مئات الآلاف من الكتب الشرعية والتراثية والأدبية، ووصل عددها إلى أكثر من 100 ألف نسخة خلال عامين فقط، وزعها على طلاب العلم والمكتبات العامة.
لقد ارتبط اسم الملك عبدالعزيز بالعلم والثقافة كما ارتبط بالكفاح والتوحيد، لتبقى سيرته شاهدًا على أن بناء الدولة الحديثة لا ينفصل عن ترسيخ قيم المعرفة، وصناعة جيل يوازن بين الهوية الدينية والثقافية ومتطلبات النهضة.