صندوق النقد: اقتصاد المملكة صامد وقوي
إشادة دولية بصمود الاقتصاد السعودي

أشاد صندوق النقد الدولي بقدرة المملكة على الصمود بقوة في مواجهة الصدمات الخارجية، وتواصل نمو الأنشطة الاقتصادية غير النفطية واحتواء التضخم، وتسجيل انخفاض غير مسبوق في معدلات البطالة، وذلك في ختام مشاورات المادة الرابعة بين المجلس التنفيذي للصندوق والمملكة.
وذكر الصندوق أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي في 2024، حقق نموا قدره 4.5%، مدفوعا بقطاعات تجارة التجزئة والضيافة والبناء، وفي الوقت نفسه انخفض إجمالي الناتج المحلي النفطي بنسبة 4.4% بسبب تخفيض الإنتاج بموجب اتفاقية أوبك+ واستمرار إنتاج النفط عند 9 ملايين برميل يوميا، وتراجع النمو الكلي إلى 2%.
وأضاف أن التضخم ظل قيد الاحتواء، مع استمرار تباطؤ الارتفاع في إيجارات المساكن، وتراجع معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي، في حين انخفضت معدلات بطالة الشباب والنساء بمقدار النصف على مدار فترة بلغت 4 سنوات.
وأشار إلى أن الحساب الجاري تحول من فائض نسبته 2.9% من إجمالي الناتج المحلي في 2023 إلى عجز بلغ 0.5% من إجمالي الناتج المحلي، يُمَوَّل بصورة متزايدة من خلال الاقتراض الخارجي والحد من تراكم الأصول بالنقد الأجنبي في الخارج.
وبين أنه برغم هذه التحولات، استقر صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي (ساما) بقيمة 415 مليار دولار، أي ما يغطي 187% من مقياس الصندوق لكفاية الاحتياطيات، فيما لا يزال القطاع المصرفي قويا، ويتسم بارتفاع رأس المال والربحية، مع بلوغ القروض المتعثرة أدنى مستوياتها منذ عام 2016.
وأكد أن الطلب المحلي سيظل قويا بدعم المشروعات الحكومية ومشروعات “رؤية السعودية 2030” واستضافة فعاليات دولية كبرى، وسيدفع ذلك النمو غير النفطي إلى مستوى أعلى من 3.5% على المدى المتوسط.
وتوقع الصندوق تسارع وتيرة إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 3.9% بحلول عام 2026، بدعم الإلغاء التدريجي المستمر لتخفيض الإنتاج بموجب اتفاقية أوبك+، وأن يظل التضخم قيد الاحتواء، في حين يُتوقع استمرار عجز الحساب الجاري على المدى المتوسط نتيجة لزيادة الواردات المرتبطة بالاستثمارات والتدفقات الخارجة من تحويلات العاملين الوافدين.
وعن تأثير التطورات السلبية المحيطة على المدى القريب، أشار الصندوق إلى أن ضعف الطلب على النفط نتيجة للتوترات العالمية، وانخفاض إنفاق الحكومة، والمخاطر الأمنية الإقليمية يمكن أن تضعف معنويات المستثمرين، وعلى الجانب الإيجابي، يمكن لارتفاع إنتاج النفط أو تنفيذ استثمارات إضافية مرتبطة بمبادرات رؤية 2030 أن يدعما النمو، وقد ترتفع أسعار النفط في حالة اكتساب التعافي العالمي قوة أكبر أو في حالة اضطراب عرض النفط العالمي.
من جهتهم، اتفق المديرون التنفيذيون مع تقييم خبراء الصندوق، وأثنوا على الأداء الاقتصادي القوي للمملكة رغم ارتفاع حالة عدم اليقين العالمي والصدمات الخارجية، والذي تحقق بدعم من الإصلاحات المثيرة للإعجاب في ظل “رؤية 2030” لتنويع نشاط الاقتصاد السعودي، ورحبوا بقوة النشاط الاقتصادي غير النفطي، وتراجع التضخم وانخفاض البطالة إلى معدلات غير مسبوقة.
وأيدوا انتهاج سياسة مالية معاكسة للاتجاهات الدورية على المدى القريب، نظرا لهوامش الأمان المالي الوفيرة، وذلك لدعم النمو وتجنب تضخيم تأثير التقلبات الكبيرة في أسعار النفط، مرحبين بالتقدم الكبير على صعيد شفافية المالية العامة مع تعزيز التحليل المالي والإفصاح عن البيانات، وبالجهود الجارية لتحليل المخاطر، بما فيها الالتزامات الاحتمالية.
واتفقوا على الحاجة إلى ضبط أوضاع المالية العامة بالتدريج لتحقيق العدالة بين الأجيال، ويمكن ذلك من خلال إصلاحات السياسة الضريبية الأوسع نطاقا لزيادة الإيرادات غير النفطية، واحتواء فاتورة الأجور، وإصلاح دعم الطاقة إلى جانب تحسين توجيه شبكات الأمان الاجتماعي لمستحقيها، وترشيد النفقات غير الأساسية.
ورأى المديرون أن نظام ربط العملة بالدولار الأمريكي لا يزال ملائما، ورحبوا بأوجه التحسن في إطار إدارة السيولة وأشاروا إلى أن العمليات النقدية ينبغي أن تواصل التركيز على تمهيد السيولة في الأجل القصير دون أن تفضي إلى إذكاء نمو الأصول والائتمان.
وذكر المديرون أن الجهاز المصرفي يتمتع بمستويات جيدة من رأس المال والربحية، وأوضاع السيولة كافية، ومواطن الضعف في القطاع المالي المؤثرة في النظام متدنية، ورحبوا بمواصلة التقدم في تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والرقابية في القطاع المصرفي وحثوا على سرعة اعتماد نظام المصارف والانتهاء من وضع إطار إدارة الأزمات.
وأثنوا على توخي البنك المركزي اليقظة في رصد المخاطر المحتملة، ورحبوا بمراجعته الاستباقية لأدوات السلامة الاحترازية الكلية من أجل ضمان استمرار الاستقرار المالي، ومواصلة التقدم في تعميق السوق المالية المحلية، وهو أمر مهم للمساعدة على تنويع مصادر التمويل.
وأشادوا بالإصلاحات الهيكلية المثيرة للإعجاب منذ عام 2016 وأهمية المحافظة على هذا الزخم بغض النظر عن تطورات أسعار النفط، وأوجه التحسن في البيئة التنظيمية وبيئة الأعمال، ومشاركة المرأة في سوق العمل، والحوكمة، مشيرين إلى أن السياسات الصناعية ينبغي أن تظل مكملة للإصلاحات الهيكلية، وأن تكون موجهة ومؤقتة وشفافة.
وأثنوا على دور المملكة في تحقيق الاستقرار في المنطقة، ودورها القيادي في المنتديات متعددة الأطراف، بما فيها مجموعة العشرين، ودورها في رئاسة اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، متطلعين إلى استمرار مساهماتها في معالجة التحديات العالمية.