في خطبة الجمعة.. السديس يحذر من الغزو الفكري ويؤكد: الأمن المجتمعي سياج الأوطان وركيزة الإيمان

شارك المقال اذا اعجبك

في خطبة الجمعة من المسجد الحرام، شدد الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، إمام وخطيب الحرم المكي، على أهمية الأمن المجتمعي باعتباره أحد أهم أركان الاستقرار والنماء، ومقومًا أساسًا من مقومات الحضارة الإسلامية الراسخة، مشيرًا إلى أن الأمن ليس مجرد مطلب دنيوي، بل هو قيمة إيمانية قرنها الله عز وجل بالتوحيد في دعوة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حين قال: “رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا”، مقدمًا بذلك الأمن على الرزق، وهو ما يعكس عظمة هذه النعمة وعمق أثرها في حياة الأفراد والمجتمعات.

وأوضح أن الإسلام أرسى دعائم الأمن منذ إشراقة شمسه، وربط بين الإيمان والاستقرار، وجعل الأمن رفيق العقيدة، فحيثما وُجد التوحيد الخالص، وجد معه الطمأنينة والانضباط، مبرزًا أن الوسطية والاعتدال هما جناحا الطيران نحو أمن شامل يحمي الإنسان في دينه ونفسه وعقله وماله.

وتناول فضيلته واحدة من أبرز التحديات المعاصرة، وهي الغزو الفكري الذي يستهدف عقول الشباب ويزرع الشكوك في ثوابت العقيدة، موضحًا أن هذا النوع من الغزو أشد فتكًا من المواجهات العسكرية، إذ يُحدث تصدعات داخلية، وينخر في البنية الثقافية والدينية، مؤكداً أن الأمن الفكري يمثل جوهر الأمن العام، لأنه يرسّخ الاستقامة ويحصن من الانحرافات والبدع والأفكار الهدامة.

كما حذر السديس من الاختراقات الإلكترونية وجرائم الذكاء الاصطناعي التي باتت سلاحًا في يد المغرضين لتزييف الحقائق وبث الفتن، مستخدمة وسائل خادعة من صور مزيفة ومقاطع مفبركة تُستهدف بها الرموز والقيادات. ودعا إلى تفعيل الوعي المجتمعي والتبليغ عن أي محاولات لزعزعة الثقة أو شق الصف الوطني، مؤكدًا أن المعرفة بمخاطر التقنية ووسائل التحايل الرقمي أصبحت ضرورة شرعية لحماية الأمن المجتمعي.

وفي جانب متصل، أشار إلى أهمية أمن الحرمين الشريفين، وضرورة الالتزام بأنظمة الحج، لا سيما شرط الحصول على تصريح رسمي، معتبرًا ذلك جزءًا من تحقيق شرط الاستطاعة، كما أنه يسهم في تنظيم الشعيرة، ويحفظ سلامة الحجاج، ويحقق المقاصد الشرعية الكبرى في حفظ النفس والدين.

ولم تغب القضايا الإنسانية عن خطبته، حيث دعا المسلمين إلى الوحدة ونبذ الخلافات، والتضرع إلى الله من أجل نصرة المظلومين في فلسطين والمسجد الأقصى، وعدم الغفلة عنهم في الدعاء، مشيرًا إلى أن التكاتف والتعاطف من سمات الأمة الحية التي تعي دورها وتعرف رسالتها.

وفي ختام خطبته، أكد الشيخ السديس أن الأعداء يستهدفون الناجحين، سواء كانوا أفرادًا أو دولًا، مشيدًا بما تتمتع به المملكة من أمن وأمان بفضل الله، ومشدداً على ضرورة صيانته بالوعي والاتحاد والالتزام بالدين والأنظمة، فذلك هو السبيل لتحقيق التنمية والاستقرار في وطن يحتضن الحرمين الشريفين، ويقود الأمة نحو مستقبل آمن مزدهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى