امريكا تعجز عن تحديد رجل خطف طائرة ووضعها في حيرة لعقود

شارك المقال اذا اعجبك

رغم مرور أكثر من نصف قرن، لا تزال قضية “دان كوبر” — التي تُعد من أشهر وأغرب حوادث القرصنة الجوية في التاريخ الأميركي — لغزاً عصيّاً على الحل. فقد فشل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) طيلة أكثر من أربعة عقود في كشف هوية الرجل الذي نفّذ عملية خطف طائرة باحتراف ثم اختفى دون أن يترك خلفه أي أثر يذكر. وعلى غرار شخصية “جاك السفاح” في لندن، أصبحت قصة دان كوبر رمزاً للإفلات من العدالة، وتحوّلت إلى أحد أعقد ملفات الجرائم في التاريخ الأميركي.

بداية القصة: رحلة قصيرة تتحول إلى فدية كبيرة

في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 1971، صعد رجل أنيق في منتصف الأربعينات إلى طائرة بوينغ 727 تابعة لشركة “نورثوست أورينت” في مطار بورتلاند، متوجهاً إلى سياتل في رحلة لا تتجاوز الثلاثين دقيقة. كان الرجل، الذي عرّف عن نفسه باسم “دان كوبر”، يحمل حقيبة سوداء وكيساً ورقياً، ويرتدي بدلة رسمية ومعطفاً واقياً من المطر. جلس بهدوء في المقعد 18-E، وطلب مشروباً قبل أن يسلم إحدى المضيفات رسالة صادمة.

التهديد بالقنبلة وتقديم المطالب

بهدوء تام، أبلغ دان كوبر الطاقم أن بحوزته قنبلة، وطالب بفدية قدرها 200 ألف دولار بالإضافة إلى أربع مظلات هبوط. تم تنفيذ مطالبه بدقة عند الوصول إلى سياتل، حيث تم إطلاق سراح الركاب، فيما أبقى على طاقم الطائرة لمواصلة الرحلة نحو نيو مكسيكو، مع توقف مقرر في مطار رينو للتزود بالوقود.

القفز في الظلام والاختفاء الكامل

بعد 30 دقيقة من الإقلاع، فُتح الباب الخلفي للطائرة، وقفز دان كوبر ليلاً بمظلته في مكان يُعتقد أنه جنوب غرب ولاية واشنطن. ومنذ تلك اللحظة، دخل كوبر طيّ النسيان. لم يتم العثور على جثته، ولا مظلته، ولا بقية الأموال التي حصل عليها، باستثناء مبلغ صغير اكتُشف عام 1980 عند ضفاف نهر كولومبيا بواشنطن، ليُعيد القضية إلى الواجهة دون أي تقدم ملموس.

فشل التحقيقات وإغلاق الملف

على الرغم من المساعي الضخمة التي بذلها المحققون، والتي شملت فحص آلاف المشتبه بهم وتحليل الأدلة والظروف الجوية والتضاريس، لم يتم التوصل إلى أي خيط يقود إلى هوية كوبر أو مصيره. ومع مرور السنوات دون أي نتائج حاسمة، قرر مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 2016 إغلاق التحقيق النشط، لتظل بذلك قضية دان كوبر الملف الوحيد غير المحسوم في تاريخ الجرائم المرتبطة بالقرصنة الجوية التجارية في الولايات المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى