قفزة غير مسبوقة في تشخيص التوحد بين الأطفال

سجلت معدلات تشخيص اضطراب التوحد في الولايات المتحدة ارتفاعًا غير مسبوق خلال عام 2022، بحسب ما كشفت عنه بيانات رسمية صادرة عن المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC). وبلغت النسبة المعلنة حالة واحدة من بين كل 31 طفلًا يبلغ من العمر ثماني سنوات، ما يعادل 3.2%، وهي أعلى نسبة يتم تسجيلها حتى الآن، مقارنة بـ2.77% في عام 2020 و2.27% في 2018، في حين لم تتجاوز النسبة 0.66% عند مطلع الألفية الجديدة.
انتشار أدوات التشخيص يوسّع دائرة الحالات المكتشفة
أرجع الباحثون هذه الزيادة الحادة إلى التوسع في استخدام أدوات التشخيص الحديثة، وارتفاع الوعي المجتمعي والصحي، إلى جانب تعديل تعريف اضطراب التوحد ليشمل نطاقًا أوسع من السلوكيات والمظاهر المرتبطة به. فبينما كان التشخيص سابقًا يقتصر على الحالات المصحوبة بإعاقات فكرية متوسطة إلى شديدة، أصبحت الحالات الأخف تمثل غالبية من يُشخَّصون بالتوحد حاليًا، إذ تُقدَّر نسبتهم بـ75%.
فئات جديدة تظهر في الإحصاءات لأول مرة
أشارت دراسة حديثة نُشرت في أكتوبر 2024 إلى أن أكبر زيادة في نسب التشخيص ظهرت في فئات سابقة كانت تغيب عن التحاليل الدقيقة، مثل المراهقين، والفتيات، والأطفال من خلفيات عرقية تنتمي إلى الأقليات. ويعكس ذلك تحسن الوصول إلى خدمات الفحص والرعاية، وتغيرًا في السياسات الصحية والتأمينية.
عوامل بيئية جديدة تحت مجهر الصحة الأميركية
لم تكتف السلطات الصحية الأميركية بتوثيق الأرقام، بل أطلقت تحذيرات بشأن العوامل البيئية التي قد تسهم في هذه الزيادة، خصوصًا في ظل تسجيل ارتفاع بمعدلات الولادة المبكرة وتقدُّم سن الوالدين عند الإنجاب. وذكر المركز الأميركي لمكافحة الأمراض أن الحالات الأكثر حدة لم تزداد بنفس وتيرة الحالات الخفيفة، ما يعزز فرضية أن التشخيص المبكر بات يشمل الطيف الأوسع من الاضطراب.
وزير الصحة يحذّر ويعد بتحقيقات موسعة
في سياق متصل، أطلق وزير الصحة الأميركي روبرت كينيدي تحذيرًا من ارتفاع الحالات ووصفها بأنها “تسير بوتيرة مقلقة”، معلنًا عن نية الوزارة إجراء دراسات بيئية شاملة لاستيضاح أي روابط محتملة بين المحيط البيئي وازدياد تشخيص اضطراب التوحد. وقال كينيدي إن “التوحد يدمر العائلات، والأطفال لا ينبغي أن يعانوا بهذه الطريقة”، مؤكدًا أن التعامل المبكر مع الحالة عبر الرعاية والدعم قد يخفف من حدة التحديات التي تواجه الأطفال وأسرهم.
التشخيص المبكر مفتاح التدخل الفعّال
يؤكد الأطباء والمتخصصون أن الكشف المبكر عن التوحد، خصوصًا قبل سن الثالثة، يعد خطوة حاسمة لتحسين القدرات الإدراكية ومهارات التواصل لدى الأطفال المصابين. ويعتبر التدخل المبكر فرصة لتقليل التأثيرات السلوكية والمجتمعية لاحقًا، وهو ما يضع مزيدًا من المسؤولية على أنظمة الرعاية الصحية والتعليمية في دعم الأسر وتشجيعها على إجراء الفحوص في سن مبكرة.