هل يتجاهل الاتحاد الأوروبي مكاسبه؟ السعوديون ينتظرون “شنغن” منذ عامين

جمود في الملف رغم الزخم السياسي

شارك المقال اذا اعجبك

في تصريح حديث، أكدت سفيرة المملكة لدى الاتحاد الأوروبي، هيفاء الجديع، أن ملف إعفاء السعوديين من تأشيرة شنغن لا يزال دون مستجدات رسمية، رغم مرور أكثر من عامين على بدء العمل فيه. هذا الجمود في التحديثات الرسمية يطرح تساؤلات حول أسباب التعطيل، رغم أن العلاقات السعودية الأوروبية تشهد تصاعدًا واضحًا على المستويين الاقتصادي والدبلوماسي.

عوائد اقتصادية أوروبية مهدرة
تُظهر بيانات المفوضية الأوروبية أن عدد تأشيرات شنغن التي مُنحت للمواطنين السعوديين تجاوز 140 ألفًا في 2023، رغم التعقيدات والإجراءات الصارمة. ويُعد السائح السعودي من الأعلى إنفاقًا في أوروبا، بمتوسط إنفاق يتراوح بين 6,000 إلى 10,000 يورو للرحلة الواحدة، ما يجعلهم مصدرًا مهمًا للدخل في قطاعات حيوية مثل الضيافة والتجزئة والتعليم والصحة. إعفاء التأشيرة سيفتح الباب لمضاعفة هذه العوائد، خصوصًا في دول مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا.

فرص استثمارية تنتظر التسهيل
السعودية، من خلال صناديقها السيادية ومؤسساتها الاستثمارية، تملك حضورًا متناميًا في أوروبا في مجالات الطاقة والتقنية والعقارات. كما تستقطب مشاريعها العملاقة اهتمام كبريات الشركات الأوروبية. إعفاء السعوديين من التأشيرة لن يكون مجرد إجراء بيروقراطي، بل أداة استراتيجية لتسريع التبادل الاستثماري والتجاري، وإزالة الحواجز التي تعرقل التنقل السريع لرجال الأعمال والمبتكرين.

بعد سياسي واستراتيجي أعمق
مع تنامي التعاون السعودي الأوروبي في ملفات مثل التحول للطاقة النظيفة، الابتكار، الأمن السيبراني، والتعليم، يصبح تعزيز التواصل الشعبي والمهني خطوة طبيعية لتعميق هذا التعاون. فتح شنغن أمام السعوديين سيكون بمثابة رسالة ثقة، ويعزز جسور التواصل الثقافي والدبلوماسي.

ما وراء التأخير الأوروبي؟
رغم وجود رغبة مشتركة، فإن آليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأوروبي لا تزال عائقًا رئيسيًا. إذ يتطلب أي إعفاء جديد لتأشيرات شنغن موافقة جماعية من جميع الدول الأعضاء، وبعضها يتحفظ على هذه التعديلات لأسباب تتعلق بالأمن أو اعتبارات سياسية داخلية. ويُضاف إلى ذلك انتظار إطلاق نظام “ESS” الرقمي لمراقبة الحدود في 2025، والذي قد يمهد لاحقًا لإعادة النظر في سياسة التأشيرات.

لحظة مناسبة لإعادة التقييم
الواقع أن الاتحاد الأوروبي قد يكون الطرف الأكثر استفادة من إعفاء السعوديين من تأشيرة شنغن. فالمكاسب الاقتصادية والسياسية والثقافية المباشرة تتفوق على أي هواجس إجرائية أو أمنية. وبينما تُواصل المملكة لعب أدوار محورية في الساحة الدولية، فإن تأخر أوروبا في إدراك هذا الواقع يبدو تناقضًا مع مصالحها الاستراتيجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى